ومضات نسائيه:
هيباتي (الاسكندرية بين 370 و 415 للميلاد "تقريباً"(
فيلسوفة وعالمة فلك ورياضية يونانية من المدرسة الأفلاطونية. اشتُهِرت لذكائها بقدر ما اشتُهِرت لجمالها.
وُلِدَت في الاسكندرية خلال حقبة النزاع على السلطة بين الرومان والناشطين المحلّيّين المسيحيين الطامحين للتحرّر. كان والدها تيون الاسكندري عالم رياضيات وفلك مرموقاً، وحين لحظ أن لدى ابنته مواهب علمية قام بتعليمها رغم أنّ تعليم الفتيات لم يكن أمراً يُعنى به في ذلك العصر. فُقِدَت جميع أعمالها، ولم يبقَ ما يشير إليها غير بعض الرسائل الموجهة لها من سينيزيوس طالباً فيها النصح من أجل صنع اسطرلاب ومنظار بحري.
درست العلوم والفلسفة والبلاغة في أثينا قبل أن تعود للاستقرار في الاسكندرية حيث أسست مدرستها. علّقت على أعمال أفلاطون وأرسطو وكذلك على أعمال كبار الرياضيين ومنهم ديوفانتس وأبولونيوس وبطليموس.
كانت مدرِّسةً موهوبة محترَمَةً من قِبل جميع طلاّبها، وكانت معروفةً كأفضل من يستطيع حلّ المسائل المحيِّرة.
اعتُبِرَت أفكارها ملحدةً من قبل أهل البلد المسيحيين الذين نجحوا في نيل استقلالهم لبعض الوقت في تلك الفترة. رأى فيها الأسقف المعنيّ خطراً على الفكر المسيحيّ، وكانت نتيجة ذلك أن قُتِلَت على أيدي الجماهير المشحونة...
كان موتها على هذا النحو سبب جمود لحرية التعليم لعقود وربما لقرون طويلة قادمة. تُعتبر هيباتي خاتمة سلسلة من علماء الرياضيات اليونانيين وقد توقّفت من بعدها، في العالم الروماني - اليوناني على الأقلّ، مسيرة الرياضيات لقرون طويلة. وكانت أوّل امرأة أخرى عملت في الرياضيات وذكرها التاريخ من بعد هيباتي هي ماريا أغنيسي.
من الأقوال الجميلة التي حفظها التاريخ نقلاً عن هيباتي: "احتفظ لنفسك بحقك في التفكير، فأن تفكّر خطأً خير من ألاّ تفكّر أبداً ".
ماريا آغنيسي (ميلانو 1718 – ميلانو 1799)
فيلسوفة ورياضية وعلاّمة في اللغّات.
ابنة موهوبة لأستاذ رياضيّات. أظهرت منذ صغرها دلائل مواهب استثنائية. حرّرَت في التاسعة من عمرها خطاب دفاع عن حقّ التعليم العالي. درست وحدها خلال مراهقتها رياضيات ديكارت ونيوتن ولايبنتز وأولر. كانت تخدم إلى جانب ذلك كمعلّمة للفتيات الصغيرات في عائلتها وكانت تحضر لقاءات علمية ورياضياتيّة ينظّمها والدها.
نشرت عام 1738 مقالة في الفلسفة بعنوان "قضايا فلسفية" وفي عام 1748 كتاباً في جزأين بعنوان: "الهندسة التحليلية". كان الجزء الأول يتحدّث عن الجبر وعن الحساب الابتدائي، فيما قدّم الثاني الحساب التفاضلي والتكاملي والمتسلسلات والمعادلات التفاضلية. درست في هذا الكتاب، من بين أشياء أخرى، المنحني التكعيبي الذي يحمل اسمها.
انتُخِبَت عضواً في أكاديميّة العلوم في بولونيا (إحدى الولايات الإيطاليّة وليست بولونيا الدولة المعروفة بهذا الاسم اليوم) وأضحت عام 1749 أستاذة في جامعتها، وهو وضع استثنائي لأنّ وجود النساء حتّى كطالبات كان لا يزال نادراً جدّاً في الجامعة. لكنّها اعتذرت عن هذه الوظيفة
وبعد وفاة والدها عام 1752 كرّست نفسها للدراسات الدينية ولأعمال الإحسان. أنهت حياتها كمديرة لمركز ديني اجتماعيّ.
إيمي نوثر (إيرلانجن - ألمانيا 1882 – بنسلفانيا 1935)
عُرِفَت على الأكثر لأعمالها في الجبر المجرّد وخصوصاً لدراستها لـ "الشروط المتسلسلة للأمثليات في الحلقات".
هي ابنة الرياضي ماكس نوثر. تابعت كمستمعة حرّة دروساً في جامعة إيرلانجن حيث كان يدرّس والدها، لأنّ الفتيات لم يكن يستطعن التسجيل في التعليم العالي. في العام 1903 اختصّت في الرياضيات.
نجحت في أطروحة حول اللامتغيرات الجبرية تحت إشراف غوردان. قاد عملها حول نظرية اللامتغيرات إلى صياغة العديد من المفاهيم في نظرية النسبية العامة لآينشتاين.
اكتشفت عام 1915 نتيجة عميقة جدّاً مدحها آينشتاين وهي نتيجة تسمّى أحياناً "مبرهنة نوثر" وتبرهن فيها صحة علاقة بين التناظرات في الفيزياء ومبادئ الانحفاظ.
ندين لإيمي نوثر وجان كافاييه لكتاب نُشِر عام 1937 يتضمن مراسلة بين جورج كانتور وريتشارد ديدكند. إنها سلسلة من رسائل تمتد بين 1872 و 1899 وهي تتيح متابعة تشكّل نظرية المجموعات.
أعطت دروساً في معهد الدراسات المتقدمة في برنستون في الولايات المتحدة. توفيت عام 1935 بسبب مضاعفات عملية جراحية بسيطة.
صوفي جيرمان (باريس 1776 – باريس 1831)
حملت مساهمات رئيسية إلى نظرية الأعداد، وعلم الأصوات ومرونة الصفائح. قرأت في عمر الـ13 كتاباً بعنوان "تاريخ الرياضيات" وتأثّرت منه على نحو خاصّ بقصّة موت أرخميدس الذي كان منشغلاً بحلّ مسألة رياضية ولم ينتبه إلى أن الرومان قد اقتحموا مدينته سيراكوز، ولم يحفل بسؤال وجّهه له أحد الجنود المهاجمين فما كان من الأخير غير أن أرداه بنبلة.
متأثّرة بهذه القصّة فكّرت أنّ الرياضيات لا بدّ أن تكون شيئاً كبير الأهمّيّة وشديد السحر لدرجة أن أرخميدس استطاع إلى هذه الدرجة تجاهل الجندي الروماني. لم يُرضِ أهلها هذا الإعجاب بالرياضيات وكانت تدرسها سرّاً تحت غطائها قبل النوم وعلى ضوء الشموع. وعند ذلك الحدّ رضخ أهلها لرغبتها وتركوها تدرس الرياضيات كما تشاء. حصلت على ملخّصات دراسية من مدرسة البوليتيكنيك وخصوصاً محاضرات لاغرانج. استخدمت الاسم المستعار "السيد الأبيض" لترسل للاغرانج مقالاً أُعجِبَ كثيراً بأصالته وعمقه لحدٍّ دفعه إلى البحث عن كاتب المقال، وقد دُهِش كثيراً حين اكتشف أنّ الكاتب هو امرأة وقّدمها إلى المجتمع العلمي، الذي أُعجِب ببراعة فكرها وجمالها على السواء.
توصّلت أيضاً إلى التواصل مع غاوس بعد أن قرأت له مقالاً عن الأعداد، ولقد راسلته طويلاً تحت اسم السيد لوبلان.
حازت عام 1816 على جائزة من أكاديميّة العلوم لعملٍ قدّمته حول النظرية الرياضيّة لاهتزارات الصفائح المرنة. لم تذهب لتسلُّم الجائزة... كانت تلك الفتاة التي استمرّت بالتوقيع باسم رجل، تعلم إلى أية درجة تجد العبقرية صعوبةً في التآلف مع الشهرة!
أدخلت عام 1831 مفهوم الانحناء الوسطي كوسط حسابي لانحناءين رئيسين. عملت في نظرية الأعداد وفي الحساب. برهنت نظرية في الأعداد أخذت اسمها (نظرية جيرمان) وكانت هذه النظرية خطوة هامّة على طريق إثبات نظرية فيرما الذائعة الصيت وذلك في الحالة الخاصّة التي يكون فيها الأس مساوياً 5. ولقد بقي هذا البرهان الّذي أنجزته أهم عمل متعلّق بنظرية فيرما منذ وُضِعَت عام 1738 حتى العمل الّذي أنجزه كومر عام 1840.
استمرت صوفي في العمل في مجال الرياضيات والفلسفة حتى نهاية حياتها. توفيت عام 1831 بمرض سرطان الثدي.